السؤال : ما مدى مشروعية انتقالي من بلدتي لزيارة ولي أو شيخ متوفًّى له مقام وضريح ببلدة أخرى أقطع فيها المسافات الطوال ؟
الجـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــواب
زيارة القبور مشروعة باتفاق الأئمة ؛ فهي مستحبة للرجال باتفاق كافة العلماء ، وكذلك مستحبة للنساء عند الأحناف ، وجائزة عند الجمهور ولكن مع الكراهة ؛ وذلك لرقة قلوبهن وعدم قدرتهن على الصبر ، ودليل الاستحباب قوله صلى الله عليه وآله وسلم : « إِنِّي كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا فَإِنَّهَا تُذَكِّرُكُمُ الآخِرَةَ ». رواه مسلم ، ويستثنى من كراهة زيارة القبور للنساء عند الجمهور زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ؛ فإنه يُندب لهن زيارته ، وكذا قبور الأنبياء غيره عليهم الصلاة والسلام ؛ لعموم الأدلة في طلب زيارته صلى الله عليه وآلـه وسلم .
وإذا كانت زيارة القبور مشروعة فإن شد الرحال من أجلها مستحب أيضًا ، وشد الرحال كناية عن السفر والانتقال ، والسفر في نفسه ليس عبادة ولا عملاً مقصودًا لذاته في أداء العبادات ، ويلزم القائل بأن شد الرحال لزيارة القبور وزيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يجوز أن يكون حكم استحباب زيارة القبور وزيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم خاصًّا بأهل البلد الذي فيه القبر ؛ فيكون أهل المدينة وحدهم هم الذين يجوز لهم الخروج من بيوتهم يقصدون زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأن أي إنسان آخر يحتاج إلى السفر ليفعل نفس الفعل يكون آثمًا ، وهذا بعيد جدًّا ، بل هو غَلَط ووَهَم .
وبيان ذلك أن علماء الأصول اتفقوا على أن الوسائل لها حكم المقاصـد ؛ فإذا كان الحـج واجبًا فشد الرحال للحج واجب ، وإن كانت زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقبور الصالحين والأقارب وعموم المسلمين مستحبة فيتعين أن يكون شد الرحال لزيارتهم مستحبًّا ، وإلا فكيف يُستحَبُّ الفعل وتحرم وسيلته !
وقد ذهب العلماء إلى أنه يجوز شد الرحال لزيارة القبور ؛ لعموم الأدلة ، وخصوصًا قبور الأنبياء والصالحين .
أما قوله صلى الله عليه وآله وسلم – المروي في الصحيحين وغيرهما - : « لاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلاَّ إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَـاجِدَ : مَسْجِدِي هَذَا ، وَالمَسْجِدِ الْحَرَامِ ، والمسْجِدِ الأَقْصَى » فخاص بالمسـاجد ؛ فلا تشد الرحال إلا لثلاثة منها ، بدليل جواز شد الرحال لطلب العلم وللتجارة .
وقد اتفق العلماء في هذا الفهم ، وننقل قـول الشيخ سليمان بن منصور المشهور ( بالجمل ) : " ( لاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ ) أي للصلاة فيها ؛ فلا ينافي شد الرحال لغيرها .. " إلى أن قال : " قال النووي : ومعناه : لا فضيلة في شد الرحال إلى مسجد غير هذه الثلاثة ، ونقله عن جمهور العلماء .
وقال العراقي : من أحسن محامل الحديث أن المراد منه حكم المساجد فقط ؛ فإنه لا تشد الرحال إلى مسجد من المسـاجد غير هذه الثلاثة ، وأما قصد غير المساجد : من الرحلة لطلب العلم ، وزيارة الصالحين والإخوان ، والتجارة ، والتنـزه ، ونحو ذلك ، فليس داخلاً فيه ، وقد ورد ذلك مصرَّحًا به في رواية الإمام أحمد وابن أبي شيبة بسند حسن عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعًا : « لا يَنْبَغِي للمصلي أَنْ تُشَدَّ رِحَالُهُ إِلَى مَسْجِدٍ يبتغى فِيهِ الصَّلاَة غَيْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ، والْمَسْجِدِ الأَقْصَى ، وَمَسْجِدِي هَذَا » وفي رواية « لا يَنْبَغِي لِلْمَطِيِّ أَنْ تُشَـدَّ رِحَالُهُا... إلخ » .
قال السبكي : وليس في الأرض بقعة فيها فضل لذاتها حتى تشد الرحال إليها لذلك الفضل غير البلاد الثلاثة ، قـال : ومرادي بالفضل ما شهد الشرع باعتباره ورتب عليه حكمًا شرعيًّا ، وأما غيرها من البلاد فلا تُشدُّ إليها لذاتها ، بل لزيارة أو علم أو نحو ذلك من المندوبات أو المباحات ، وقد التبس ذلك على بعضهم ؛ فزعم أن شد الرحال إلى الزيارة لمن في غير الثلاثة كسيدي أحمد البدوي ونحوه داخل في المنع ، وهو خطأ ؛ لأن الاستثناء إنما يكون من جنس المستثنى منه ، فمعنى الحديث : لا تشد الرحال إلى مسجد من المساجد أو إلى مكان من الأمكنة لأجل ذلك المكان إلا إلى الثلاثة المذكورة ، وشد الرحال لزيارة أو طلب علم ليس إلى المكان بل لمن في المكان ، فليُفهَم . اهـ . برماوي " . فتوحات الوهاب بتوضيح شرح منهج الطلاب المعروف بحاشية الجمل ( 2 / 361 ) .
وعليه فإن شد الرحال لزيارة قبور الأنبياء والصالحين والأقارب مستحب ؛ لأنه الوسيلة الوحيدة لتحصيل المستحب وهو الزيارة ، والقول بأنه حرام قول باطل لا يُعوَّل عليه .
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم
الجـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــواب
زيارة القبور مشروعة باتفاق الأئمة ؛ فهي مستحبة للرجال باتفاق كافة العلماء ، وكذلك مستحبة للنساء عند الأحناف ، وجائزة عند الجمهور ولكن مع الكراهة ؛ وذلك لرقة قلوبهن وعدم قدرتهن على الصبر ، ودليل الاستحباب قوله صلى الله عليه وآله وسلم : « إِنِّي كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا فَإِنَّهَا تُذَكِّرُكُمُ الآخِرَةَ ». رواه مسلم ، ويستثنى من كراهة زيارة القبور للنساء عند الجمهور زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ؛ فإنه يُندب لهن زيارته ، وكذا قبور الأنبياء غيره عليهم الصلاة والسلام ؛ لعموم الأدلة في طلب زيارته صلى الله عليه وآلـه وسلم .
وإذا كانت زيارة القبور مشروعة فإن شد الرحال من أجلها مستحب أيضًا ، وشد الرحال كناية عن السفر والانتقال ، والسفر في نفسه ليس عبادة ولا عملاً مقصودًا لذاته في أداء العبادات ، ويلزم القائل بأن شد الرحال لزيارة القبور وزيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يجوز أن يكون حكم استحباب زيارة القبور وزيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم خاصًّا بأهل البلد الذي فيه القبر ؛ فيكون أهل المدينة وحدهم هم الذين يجوز لهم الخروج من بيوتهم يقصدون زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأن أي إنسان آخر يحتاج إلى السفر ليفعل نفس الفعل يكون آثمًا ، وهذا بعيد جدًّا ، بل هو غَلَط ووَهَم .
وبيان ذلك أن علماء الأصول اتفقوا على أن الوسائل لها حكم المقاصـد ؛ فإذا كان الحـج واجبًا فشد الرحال للحج واجب ، وإن كانت زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقبور الصالحين والأقارب وعموم المسلمين مستحبة فيتعين أن يكون شد الرحال لزيارتهم مستحبًّا ، وإلا فكيف يُستحَبُّ الفعل وتحرم وسيلته !
وقد ذهب العلماء إلى أنه يجوز شد الرحال لزيارة القبور ؛ لعموم الأدلة ، وخصوصًا قبور الأنبياء والصالحين .
أما قوله صلى الله عليه وآله وسلم – المروي في الصحيحين وغيرهما - : « لاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلاَّ إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَـاجِدَ : مَسْجِدِي هَذَا ، وَالمَسْجِدِ الْحَرَامِ ، والمسْجِدِ الأَقْصَى » فخاص بالمسـاجد ؛ فلا تشد الرحال إلا لثلاثة منها ، بدليل جواز شد الرحال لطلب العلم وللتجارة .
وقد اتفق العلماء في هذا الفهم ، وننقل قـول الشيخ سليمان بن منصور المشهور ( بالجمل ) : " ( لاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ ) أي للصلاة فيها ؛ فلا ينافي شد الرحال لغيرها .. " إلى أن قال : " قال النووي : ومعناه : لا فضيلة في شد الرحال إلى مسجد غير هذه الثلاثة ، ونقله عن جمهور العلماء .
وقال العراقي : من أحسن محامل الحديث أن المراد منه حكم المساجد فقط ؛ فإنه لا تشد الرحال إلى مسجد من المسـاجد غير هذه الثلاثة ، وأما قصد غير المساجد : من الرحلة لطلب العلم ، وزيارة الصالحين والإخوان ، والتجارة ، والتنـزه ، ونحو ذلك ، فليس داخلاً فيه ، وقد ورد ذلك مصرَّحًا به في رواية الإمام أحمد وابن أبي شيبة بسند حسن عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعًا : « لا يَنْبَغِي للمصلي أَنْ تُشَدَّ رِحَالُهُ إِلَى مَسْجِدٍ يبتغى فِيهِ الصَّلاَة غَيْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ، والْمَسْجِدِ الأَقْصَى ، وَمَسْجِدِي هَذَا » وفي رواية « لا يَنْبَغِي لِلْمَطِيِّ أَنْ تُشَـدَّ رِحَالُهُا... إلخ » .
قال السبكي : وليس في الأرض بقعة فيها فضل لذاتها حتى تشد الرحال إليها لذلك الفضل غير البلاد الثلاثة ، قـال : ومرادي بالفضل ما شهد الشرع باعتباره ورتب عليه حكمًا شرعيًّا ، وأما غيرها من البلاد فلا تُشدُّ إليها لذاتها ، بل لزيارة أو علم أو نحو ذلك من المندوبات أو المباحات ، وقد التبس ذلك على بعضهم ؛ فزعم أن شد الرحال إلى الزيارة لمن في غير الثلاثة كسيدي أحمد البدوي ونحوه داخل في المنع ، وهو خطأ ؛ لأن الاستثناء إنما يكون من جنس المستثنى منه ، فمعنى الحديث : لا تشد الرحال إلى مسجد من المساجد أو إلى مكان من الأمكنة لأجل ذلك المكان إلا إلى الثلاثة المذكورة ، وشد الرحال لزيارة أو طلب علم ليس إلى المكان بل لمن في المكان ، فليُفهَم . اهـ . برماوي " . فتوحات الوهاب بتوضيح شرح منهج الطلاب المعروف بحاشية الجمل ( 2 / 361 ) .
وعليه فإن شد الرحال لزيارة قبور الأنبياء والصالحين والأقارب مستحب ؛ لأنه الوسيلة الوحيدة لتحصيل المستحب وهو الزيارة ، والقول بأنه حرام قول باطل لا يُعوَّل عليه .
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم